وقفات مع الكسوف
الحمد لله .. الحمد لله الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً من ذوي الألباب ، و الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً و القمر نوراً و قدره منازل لتعلموا عدد السنين و الحساب .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له منه المبتدأ ، و إليه المنتهى و المآب .
و أشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده و رسوله أفضل من تعبد لله و أناب ..
صلوات الله و سلامه عليه و على آله و أتباعه إلى يوم الحساب .. أما بعد :
فيا اخوة الإسلام .. أوصي نفسي و إياكم بتقوى الله تعالى التقوى التي تعني و يراد بها : الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل و الرضا بالقليل و الاستعداد ليوم الرحيل و قد قال الله تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد
عباد الله .. لنا في هذا اليوم المبارك وقفات مع حادثة الكسوف : الوقفة الأولى : دلالة الحادثة على قدرة الله تعالى : يقول الله تعالى : و جعلنا الليل و النهار آيتين فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم و لتعلموا عدد السنين و الحساب و كل شيء فصلناه تفصيلاً
و قال الله تعالى : قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون
فدلت حادثة الكسوف على قدرة الله تعالى في هذا الكون ..
كما تدل على إعجاز الله تعالى فقد قال الله تعالى : هو الذي جعل الشمس ضياءً و القمر نوراً
قال الله تعالى عن الشمس : ضياءً : أي مصدراً للضوء ،
و قال الله تعالى عن القمر : نوراً : أي عاكساً لضوء الشمس ،
هذا ما ذكره الله تعالى لنا في كتابه الكريم منذ أربعة عشر قرناً ، ثم يأتي علماء الفلك في هذا العصر ، فيثبتون هذه الحقيقة العلمية التي ذكرها الله تعالى في كتابه فتبارك الله أحسن الخالقين . الوقفة الثانية : اللجوء إلى الله تعالى في مثل هذه الحوادث : كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأمر المسلمين بالتوجه إلى الله تعالى بالتضرع و الدعاء و الصلاة ..
و كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر أن يلجأ إلى الصلاة ! لماذا ؟ لجوءً إلى الله تعالى مسبب الأسباب و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا و ادعوا الله حتى ينكشف ما بكم } .
عباد الله .. جاءت الوصية بالصلاة و اللجوء إلى الله تعالى و الدعاء و الاستغفار ، لا الهرب إلى البيوت و لزومها و عدم الخروج منها ..
عباد الله .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما نزل بلاء إلا بذنب و لا رفع إلا بتوبة } . الوقفة الثالثة : التذكير بالآخرة و أهوالها : تذكرنا هذه الحادثة بما سيحدث في يوم القيامة من تكوُّر الشمس ، و خسف القمر ، و طمس النجوم ، و تشقق السماء ، و نسف الجبال ، و تفجر البحار ، و حشر الخلائق بين يدي الله تعالى .. يقول الله تعالى : فإذا برق البصر و خَسَفَ القمر و جمع الشمس و القمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم و أخر و يقول الله تعالى : إذا الشمس كوِّرت و إذا النجوم انكدرت و إذا الجبال سيِّرت
و يقول الله تعالى : إذا السماء انفطرت و إذا الكواكب انتثرت . |