بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، والصلاة والسلام على خير خلق الله ، محمد بن عبدالله ، وآله وصحبه وسلم تسليماً .
وبعد ،،
يقول الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى – في كتابه الجامع لأحكام القرآن ، الجزء الثالث ، المشهور بـ " تفسير القرطبي" ، مبيّناً أسباب النصر وشروطه :
(( قال تعالى { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة } [ البقرة :249] ، الفئة: الجماعة من الناس والقطعة منهم من فأوت رأسه بالسيف وفأيته أي قطعته.
وفي قولهم رضي الله عنهم { كم من فئة قليلة } الآية تحريض على القتال واستشعار للصبر واقتداء بمن صدق ربه.
قلت - أي القرطبي - : هكذا يجب علينا نحن أن نفعل ؟ لكن الأعمال القبيحة والنيات الفاسدة منعت من ذلك حتى ينكسر العدد الكبير منا قدام اليسير من العدو كما شاهدناه غير مرة، وذلك بما كسبت أيدينا وفي البخاري: قال أبو الدرداء: إنما تقاتلون بأعمالكم. وفيه مسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم).
فالأعمال فاسدة والضعفاء مهملون والصبر قليل والاعتماد ضعيف والتقوى زائلة.
قال الله تعالى { اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله } [ آل عمران: 200] ، وقال { وعلى الله فتوكلوا} [المائدة: 23] ، وقال { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] ، وقال { ولينصرن الله من ينصره} [الحج: 40] ، وقال{ إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الأنفال: 45].
فهذه أسباب النصر وشروطه وهي معدومة عندنا غير موجودة فينا، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما أصابنا وحل بنا! بل لم يبق من الإسلام إلا ذكره، ولا من الدين إلا رسمه لظهور الفساد ولكثرة الطغيان وقلة الرشاد حتى استولى العدو شرقا وغربا برا وبحرا، وعمت الفتن وعظمت المحن ولا عاصم إلا من رحم )) انتهى .
قلت : ذكر القرطبي هذا في زمنه ، فما بالُ زمننا اليوم ..!
فإلى الله المشتكى .
الفضيل
__________________ قال ابن قيًم :
لو نَفَعَ العلمُ بلا عمل لمَا ذمَّ الله سبحانه أحبارَ أهل الكتاب ، ولو نَفَعَ العملُ بلا إخلاص لمَا ذمَّ المنافقين . |